الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُسورة المائدة الآية رقم 1
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" الْعُهُود الْمُؤَكَّدَة الَّتِي بَيْنكُمْ وَبَيْن اللَّه وَالنَّاس "أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَة الْأَنْعَام" الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم أَكْلًا بَعْد الذَّبْح "إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ" تَحْرِيمه فِي "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَة" الْآيَة فَالِاسْتِثْنَاء مُنْقَطِع وَيَجُوز أَنْ يَكُون مُتَّصِلًا وَالتَّحْرِيم لِمَا عَرَضَ مِنْ الْمَوْت وَنَحْوه "غَيْر مُحِلِّي الصَّيْد وَأَنْتُمْ حُرُم" أَيْ مُحْرِمُونَ وَنَصْب غَيْر عَلَى الْحَال مِنْ ضَمِير لَكُمْ "إنَّ اللَّه يَحْكُم مَا يُرِيد" مِنْ التَّحْلِيل وَغَيْره لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِسورة المائدة الآية رقم 2
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِر اللَّه" جَمْع شَعِيرَة أَيْ مَعَالِم دِينه بِالصَّيْدِ فِي الْإِحْرَام "وَلَا الشَّهْر الْحَرَام" بِالْقِتَالِ فِيهِ "وَلَا الْهَدْي" مَا أُهْدِيَ إلَى الْحَرَم مِنْ النِّعَم بِالتَّعَرُّضِ لَهُ "وَلَا الْقَلَائِد" جَمْع قِلَادَة وَهِيَ مَا كَانَ يُقَلَّد بِهِ مِنْ شَجَر الْحَرَم لِيَأْمَن أَيْ فَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهَا وَلَا لِأَصْحَابِهَا "وَلَا" تُحِلُّوا "آمِّينَ" قَاصِدِينَ "الْبَيْت الْحَرَام" بِأَنْ تُقَاتِلُوهُمْ "يَبْتَغُونَ فَضْلًا" رِزْقًا "مِنْ رَبّهمْ" بِالتِّجَارَةِ "وَرِضْوَانًا" مِنْهُ بِقَصْدِهِ بِزَعْمِهِمْ الْفَاسِد وَهَذَا مَنْسُوخ بِآيَةِ بَرَاءَة "وَإِذَا حَلَلْتُمْ" مِنْ الْإِحْرَام "فَاصْطَادُوا" أَمْر إبَاحَة "وَلَا يَجْرِمَنكُمْ" يَكْسِبَنكُمْ "شَنَآن" بِفَتْحِ النُّون وَسُكُونهَا بُغْض "قَوْم" لِأَجْلِ "أَنْ صَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِد الْحَرَام أَنْ تَعْتَدُوا" عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ وَغَيْره "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرّ" بِفِعْلِ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ "وَالتَّقْوَى" بِتَرْكِ مَا نُهِيتُمْ عَنْهُ "وَلَا تَعَاوَنُوا" فِيهِ حَذْف إحْدَى التَّاءَيْنِ فِي الْأَصْل "عَلَى الْإِثْم" الْمَعَاصِي "وَالْعُدْوَان" التَّعَدِّي فِي حُدُود اللَّه "وَاتَّقُوا اللَّه" خَافُوا عِقَابه بِأَنْ تُطِيعُوهُ "إنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب" لِمَنْ خَالَفَهُ
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌسورة المائدة الآية رقم 3
"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَة" أَيْ أَكْلهَا "وَالدَّم" أَيْ الْمَسْفُوح كَمَا فِي الْأَنْعَام "وَلَحْم الْخِنْزِير وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّه بِهِ" بِأَنْ ذُبِحَ عَلَى اسْم غَيْره "وَالْمُنْخَنِقَة" الْمَيْتَة خَنْقًا "وَالْمَوْقُوذَة" الْمَقْتُولَة ضَرْبًا "وَالْمُتَرَدِّيَة" السَّاقِطَة مِنْ عُلْو إلَى أَسْفَل فَمَاتَتْ "وَالنَّطِيحَة" الْمَقْتُولَة بِنَطْحِ أُخْرَى لَهَا "وَمَا أَكَلَ السَّبُع" مِنْهُ "إلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ" أَيْ أَدْرَكْتُمْ فِيهِ الرُّوح مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاء فَذَبَحْتُمُوهُ "وَمَا ذُبِحَ عَلَى" اسْم "النُّصُب" جَمْع نِصَاب وَهِيَ الْأَصْنَام "وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا" تَطْلُبُوا الْقَسْم وَالْحُكْم "بِالْأَزْلَامِ" جَمْع زَلَم بِفَتْحِ الزَّاي وَضَمّهَا مَعَ فَتْح اللَّام قِدْح بِكَسْرِ الْقَاف صَغِير لَا رِيش لَهُ وَلَا نَصْل وَكَانَتْ سَبْعَة عِنْد سَادِن الْكَعْبَة . عَلَيْهَا أَعْلَام وَكَانُوا يَحْكُمُونَهَا فَإِنْ أَمَرَتْهُمْ ائْتَمَرُوا وَإِنْ نَهَتْهُمْ انْتَهَوْا "ذَلِكُمْ فِسْق" خُرُوج عَنْ الطَّاعَة وَنَزَلَ يَوْم عَرَفَة عَام حَجَّة الْوَدَاع "الْيَوْم يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينكُمْ" أَنْ تَرْتَدُّوا عَنْهُ بَعْد طَمَعهمْ فِي ذَلِك لِمَا رَأَوْا مِنْ قُوَّته "فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي الْيَوْم أَكْمَلْت لَكُمْ دِينكُمْ" أَحْكَامه وَفَرَائِضه فَلَمْ يَنْزِل بَعْدهَا حَلَال وَلَا حَرَام "وَأَتْمَمْت عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي" بِإِكْمَالِهِ وَقِيلَ بِدُخُولِ مَكَّة آمِنِينَ "وَرَضِيت" أَيْ اخْتَرْت "لَكُمْ الْإِسْلَام دِينًا فَمَنْ اُضْطُرَّ فِي مَخْمَصَة" مَجَاعَة إلَى أَيّ شَيْء مِمَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ فَأَكَلَهُ "غَيْر مُتَجَانِف" مَائِل "لِإِثْمٍ" مَعْصِيَة "فَإِنَّ اللَّه غَفُور" لَهُ مَا أَكَلَ "رَحِيم" بِهِ فِي إبَاحَته بِخِلَافِ الْمَائِل لِإِثْمٍ أَيْ الْمُتَلَبِّس بِهِ كَقَاطِعِ الطَّرِيق وَالْبَاغِي مَثَلًا فَلَا يَحِلّ لَهُ الْأَكْل
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِسورة المائدة الآية رقم 4
"يَسْأَلُونَك" يَا مُحَمَّد "مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ" مِنْ الطَّعَام "قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات" الْمُسْتَلَذَّات "و" صَيْد "مَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِح" الْكَوَاسِب مِنْ الْكِلَاب وَالسِّبَاع وَالطَّيْر "مُكَلِّبِينَ" حَال مِنْ كَلَّبْت الْكَلْب بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَرْسَلْته عَلَى الصَّيْد "تُعَلِّمُونَهُنَّ" حَال مِنْ ضَمِير مُكَلِّبِينَ أَيْ تُؤَدِّبُونَهُنَّ "مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّه" مِنْ آدَاب الصَّيْد "فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ" وَإِنْ قَتَلَتْهُ بِأَنْ لَمْ يَأْكُلْنَ مِنْهُ بِخِلَافِ غَيْر الْمُعَلَّمَة فَلَا يَحِلّ صَيْدهَا وَعَلَامَتهَا أَنْ تَسْتَرْسِل إذَا أُرْسِلَتْ وَتَنْزَجِر إذَا زُجِرَتْ وَتُمْسِك الصَّيْد وَلَا تَأْكُل مِنْهُ وَأَقَلّ مَا يُعْرَف بِهِ ثَلَاث مَرَّات فَإِنْ أَكَلَتْ مِنْهُ فَلَيْسَ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَى صَاحِبهَا فَلَا يَحِلّ أَكْله كَمَا فِي حَدِيث الصَّحِيحَيْنِ وَفِيهِ أَنَّ صَيْد السَّهْم إذَا أُرْسِلَ وَذُكِرَ اسْم اللَّه عَلَيْهِ كَصَيْدِ الْمُعَلَّم مِنْ الْجَوَارِح "وَاذْكُرُوا اسْم اللَّه عَلَيْهِ" عِنْد إرْسَاله
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَسورة المائدة الآية رقم 5
"الْيَوْم أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات" الْمُسْتَلَذَّات "وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب" أَيْ ذَبَائِح الْيَهُود وَالنَّصَارَى "حِلّ" حَلَال "لَكُمْ وَطَعَامكُمْ" إيَّاهُمْ "حِلّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَات مِنْ وَالْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات" الْحَرَائِر "مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ" حِلّ لَكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ "إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ" مُهُورهنَّ "مُحْصِنِينَ" مُتَزَوِّجِينَ "غَيْر مُسَافِحِينَ" مُعْلِنِينَ بِالزِّنَا بِهِنَّ "وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَان" مِنْهُنَّ تُسِرُّونَ بِالزِّنَا بِهِنَّ "وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ" أَيْ يَرْتَدّ "فَقَدْ حَبِطَ عَمَله" الصَّالِح قَبْل ذَلِك فَلَا يُعْتَدّ بِهِ وَلَا يُثَاب عَلَيْهِ "وَهُوَ فِي الْآخِرَة مِنْ الْخَاسِرِينَ" إذَا مَاتَ عَلَيْهِ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَسورة المائدة الآية رقم 6
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ" أَيْ أَرَدْتُمْ الْقِيَام "إلَى الصَّلَاة" وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ "فَاغْسِلُوا وُجُوهكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إلَى الْمَرَافِق" أَيْ مَعَهَا كَمَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّة . "وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ" الْبَاء لِلْإِلْصَاقِ أَيْ أَلْصِقُوا الْمَسْح بِهَا مِنْ غَيْر إسَالَة مَاء وَهُوَ اسْم جِنْس فَيَكْفِي أَقَلّ مَا يَصْدُق عَلَيْهِ وَهُوَ مَسْح بَعْض شَعْره وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ "وَأَرْجُلكُمْ" بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى أَيْدِيكُمْ وَبِالْجَرِّ عَلَى الْجِوَار "إلَى الْكَعْبَيْنِ" أَيْ مَعَهُمَا كَمَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّة وَهُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي كُلّ رِجْل عِنْد مَفْصِل السَّاق وَالْقَدَم وَالْفَصْل بَيْن الْأَيْدِي وَالْأَرْجُل الْمَغْسُولَة بِالرَّأْسِ الْمَمْسُوح يُفِيد وُجُوب التَّرْتِيب فِي طَهَارَة هَذِهِ الْأَعْضَاء وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ وَيُؤْخَذ مِنْ السُّنَّة وُجُوب النِّيَّة فِيهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَات "وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا" فَاغْتَسِلُوا "وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى" مَرَضًا يَضُرّهُ الْمَاء "أَوْ عَلَى سَفَر" أَيْ مُسَافِرِينَ "أَوْ جَاءَ أَحَد مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِط" أَيْ أَحْدَثَ "أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاء" سَبَقَ مِثْله فِي آيَة النِّسَاء "فَلَمْ تَجِدُوا مَاء" بَعْد طَلَبه "فَتَيَمَّمُوا" اقْصِدُوا "صَعِيدًا طَيِّبًا" تُرَابًا طَاهِرًا "فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ" مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ "مِنْهُ" بِضَرْبَتَيْنِ وَالْبَاء لِلْإِلْصَاقِ وَبَيَّنَتْ السُّنَّة أَنَّ الْمُرَاد اسْتِيعَاب الْعُضْوَيْنِ بِالْمَسْحِ "مَا يُرِيد اللَّه لِيَجْعَل عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَج" ضِيق بِمَا فَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْوُضُوء وَالْغُسْل وَالتَّيَمُّم "وَلَكِنْ يُرِيد لِيُطَهِّركُمْ" مِنْ الْأَحْدَاث وَالذُّنُوب "وَلِيُتِمّ نِعْمَته عَلَيْكُمْ" بِالْإِسْلَامِ بِبَيَانِ شَرَائِع الدِّين "لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" نِعَمه
وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِسورة المائدة الآية رقم 7
"وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ" بِالْإِسْلَامِ "وَمِيثَاقه" عَهْده "الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ" عَاهَدَكُمْ عَلَيْهِ "إذْ قُلْتُمْ" لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين بَايَعْتُمُوهُ "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا" فِي كُلّ مَا تَأْمُر بِهِ وَتَنْهَى مِمَّا نُحِبّ وَنَكْرَه "وَاتَّقُوا اللَّه" فِي مِيثَاقه أَنْ تَنْقُضُوهُ "إنَّ اللَّه عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور" بِمَا فِي الْقُلُوب فَبِغَيْرِهِ أَوْلَى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَسورة المائدة الآية رقم 8
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ" قَائِمِينَ "لِلَّهِ" بِحُقُوقِهِ "شُهَدَاء بِالْقِسْطِ" بِالْعَدْلِ "وَلَا يَجْرِمَنكُمْ" يَحْمِلَنكُمْ "شَنَآن" بُغْض "قَوْم" أَيْ الْكُفَّار "عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا" فَتَنَالُوا مِنْهُمْ لِعَدَاوَتِهِمْ "اعْدِلُوا" فِي الْعَدُوّ وَالْوَلِيّ "هُوَ" أَيْ الْعَدْل "أَقْرَب لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّه إنَّ اللَّه خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌسورة المائدة الآية رقم 9
"وَعَدَ اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات" وَعْدًا حَسَنًا "لَهُمْ مَغْفِرَة وَأَجْر عَظِيم" هُوَ الْجَنَّة
وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِسورة المائدة الآية رقم 10
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَسورة المائدة الآية رقم 11
"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَتْ اللَّه عَلَيْكُمْ إذْ هَمَّ قَوْم" هُمْ قُرَيْش "أَنْ يَبْسُطُوا" يَمُدُّوا "إلَيْكُمْ أَيْدِيهمْ" لِيَفْتِكُوا بِكُمْ "فَكَفَّ أَيْدِيهمْ عَنْكُمْ" وَعَصَمَكُمْ مِمَّا أَرَادُوا بِكُمْ
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِسورة المائدة الآية رقم 12
"وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاق بَنِي إسْرَائِيل" بِمَا يُذْكَر بَعْد "وَبَعَثْنَا" فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغَيْبَة أَقَمْنَا "مِنْهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا" مِنْ كُلّ سَبْط نَقِيب يَكُون كَفِيلًا عَلَى قَوْمه بِالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ تَوْثِقَةً عَلَيْهِمْ "وَقَالَ" لَهُمْ "اللَّه إنِّي مَعَكُمْ" بِالْعَوْنِ وَالنُّصْرَة "لَئِنْ" لَام قَسَم "أَقَمْتُمْ الصَّلَاة وَآتَيْتُمْ الزَّكَاة وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ" نَصَرْتُمُوهُمْ "وَأَقْرَضْتُمْ اللَّه قَرْضًا حَسَنًا" بِالْإِنْفَاقِ فِي سَبِيله "لَأُكَفِّرَن عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ وَلَأُدْخِلَنكُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار فَمَنْ كَفَرَ بَعْد ذَلِكَ" الْمِيثَاق "مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل" أَخْطَأَ طَرِيق الْحَقّ , وَالسَّوَاء فِي الْأَصْل الْوَسَط فَنَقَضُوا الْمِيثَاق
فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَسورة المائدة الآية رقم 13
"فَبِمَا نَقْضِهِمْ" مَا زَائِدَة "مِيثَاقهمْ لَعَنَّاهُمْ" أَبْعَدْنَاهُمْ عَنْ رَحْمَتنَا "وَجَعَلْنَا قُلُوبهمْ قَاسِيَة" لَا تَلِين لِقَبُولِ الْإِيمَان "يُحَرِّفُونَ الْكَلِم" الَّذِي فِي التَّوْرَاة مِنْ نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْره "عَنْ مَوَاضِعه" الَّتِي وَضَعَهُ اللَّه عَلَيْهَا أَيْ يُبَدِّلُونَهُ "وَنَسُوا" تَرَكُوا "حَظًّا" نَصِيبًا "مِمَّا ذُكِّرُوا" أُمِرُوا "بِهِ" فِي التَّوْرَاة مِنْ اتِّبَاع مُحَمَّد "وَلَا تَزَال" خِطَاب لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تَطَّلِع" تَظْهَر "عَلَى خَائِنَة" أَيْ خِيَانَة "مِنْهُمْ" بِنَقْضِ الْعَهْد وَغَيْره "إلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ" مِمَّنْ أَسْلَمَ "فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ" وَهَذَا مَنْسُوخ بِآيَةِ السَّيْف
وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَسورة المائدة الآية رقم 14
"وَمِنْ الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى" مُتَعَلِّق بِقَوْلِهِ "أَخَذْنَا مِيثَاقهمْ" كَمَا أَخَذْنَا عَلَى بَنِي إسْرَائِيل الْيَهُود "فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ" فِي الْإِنْجِيل مِنْ الْإِيمَان وَغَيْره وَنَقَضُوا الْمِيثَاق "فَأَغْرَيْنَا" أَوْقَعْنَا "بَيْنهمْ الْعَدَاوَة وَالْبَغْضَاء إلَى يَوْم الْقِيَامَة" بِتَفَرُّقِهِمْ وَاخْتِلَاف أَهْوَائِهِمْ فَكُلّ فِرْقَة تُكَفِّر الْأُخْرَى "وَسَوْفَ يُنَبِّئهُمْ اللَّه" فِي الْآخِرَة "بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ" فَيُجَازِيهِمْ عَلَيْهِ
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌسورة المائدة الآية رقم 15
"يَا أَهْل الْكِتَاب" الْيَهُود وَالنَّصَارَى "قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولنَا" مُحَمَّد "يُبَيِّن لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ" تَكْتُمُونَ "مِنْ الْكِتَاب" التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل كَآيَةِ الرَّجْم وَصِفَته "وَيَعْفُوا عَنْ كَثِير" مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُبَيِّنهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَة إلَّا افْتِضَاحكُمْ "قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّه نُور" هُوَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَكِتَاب" قُرْآن "مُبِين" بَيِّن ظَاهِر
يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍسورة المائدة الآية رقم 16
"يَهْدِي بِهِ" أَيْ بِالْكِتَابِ "اللَّه مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانه" بِأَنْ آمَنَ "سُبُل السَّلَام" طُرُق السَّلَامَة "وَيُخْرِجهُمْ مِنْ الظُّلُمَات" الْكُفْر "إلَى النُّور" الْإِيمَان "بِإِذْنِهِ" بِإِرَادَتِهِ "وَيَهْدِيهِمْ إلَى صِرَاط مُسْتَقِيم" دِين الْإِسْلَام
لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌسورة المائدة الآية رقم 17
"لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إنَّ اللَّه هُوَ الْمَسِيح ابْن مَرْيَم" حَيْثُ جَعَلُوهُ إلَهًا وَهُمْ الْيَعْقُوبِيَّة فِرْقَة مِنْ النَّصَارَى "قُلْ فَمَنْ يَمْلِك" أَيْ يَدْفَع "مِنْ" عَذَاب "اللَّه شَيْئًا إنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِك الْمَسِيح ابْن مَرْيَم وَأُمّه وَمَنْ فِي الْأَرْض جَمِيعًا" أَيْ لَا أَحَد يَمْلِك ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَسِيح إلَهًا لَقَدَرَ عَلَيْهِ "وَلِلَّهِ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا يَخْلُق مَا يَشَاء وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء" شَاءَهُ
وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُسورة المائدة الآية رقم 18
"وَقَالَتْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى" أَيْ كُلّ مِنْهُمَا "نَحْنُ أَبْنَاء اللَّه وَأَحِبَّاؤُهُ" أَيْ كَأَبْنَائِهِ فِي الْقُرْب وَالْمَنْزِلَة وَهُوَ كَأَبِينَا فِي الرَّحْمَة وَالشَّفَقَة "قُلْ" لَهُمْ يَا مُحَمَّد "فَلِمَ يُعَذِّبكُمْ بِذُنُوبِكُمْ" إنْ صَدَقْتُمْ فِي ذَلِكَ وَلَا يُعَذِّب الْأَب وَلَده وَلَا الْحَبِيب حَبِيبه وَقَدْ عَذَّبَكُمْ فَأَنْتُمْ كَاذِبُونَ "بَلْ أَنْتُمْ بَشَر مِمَّنْ" مِنْ جُمْلَة مَنْ "خَلَقَ" مِنْ الْبَشَر لَكُمْ مَا لَهُمْ وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيْهِمْ "يَغْفِر لِمَنْ يَشَاء" الْمَغْفِرَة لَهُ "وَيُعَذِّب مَنْ يَشَاء" تَعْذِيبه لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ "وَلِلَّهِ مُلْك السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِير" الْمَرْجِع
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌسورة المائدة الآية رقم 19
"يَا أَهْل الْكِتَاب قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولنَا" مُحَمَّد "يُبَيِّن لَكُمْ" شَرَائِع الدِّين "عَلَى فَتْرَة" انْقِطَاع "مِنْ الرُّسُل" إذْ لَمْ يَكُنْ بَيْنه وَبَيْن عِيسَى رَسُول وَمُدَّة ذَلِكَ خَمْسمِائَةٍ وَتِسْع وَسِتُّونَ سَنَة لـ "أَنْ" لَا "تَقُولُوا" إذَا عُذِّبْتُمْ "مَا جَاءَنَا مِنْ" زَائِدَة "بَشِير وَلَا نَذِير فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِير وَنَذِير" فَلَا عُذْر لَكُمْ إذًا "وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَمِنْهُ تَعْذِيبكُمْ إنْ لَمْ تَتَّبِعُوهُ
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَسورة المائدة الآية رقم 20
"و" اُذْكُرْ "إذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْم اُذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إذْ جَعَلَ فِيكُمْ" أَيْ مِنْكُمْ "أَنْبِيَاء وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا" أَصْحَاب خَدَم وَحَشَم "وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ" مِنْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى وَفَلْق الْبَحْر وَغَيْر ذَلِكَ
يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَسورة المائدة الآية رقم 21
"يَا قَوْم اُدْخُلُوا الْأَرْض الْمُقَدَّسَة" الْمُطَهَّرَة "الَّتِي كَتَبَ اللَّه لَكُمْ" أَمَرَكُمْ بِدُخُولِهَا وَهِيَ الشَّام "وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَاركُمْ" تَنْهَزِمُوا خَوْف الْعَدُوّ "فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ" فِي سَعْيكُمْ
قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَسورة المائدة الآية رقم 22
"قَالُوا يَا مُوسَى إنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ" مِنْ بَقَايَا عَاد طُوَالًا ذِي قُوَّة "وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ" لَهَا
قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَسورة المائدة الآية رقم 23
"قَالَ" لَهُمْ "رَجُلَانِ مِنْ الَّذِينَ يَخَافُونَ" مُخَالَفَة أَمْر اللَّه وَهُمَا يُوشَع وَكَالِب مِنْ النُّقَبَاء الَّذِينَ بَعَثَهُمْ مُوسَى فِي كَشْف أَحْوَال الْجَبَابِرَة "أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمَا" بِالْعِصْمَةِ فَكَتَمَا مَا اطَّلَعَا عَلَيْهِ مِنْ حَالهمْ إلَّا عَنْ مُوسَى بِخِلَافِ بَقِيَّة النُّقَبَاء فَأَفْشَوْهُ فَجَبُنُوا "اُدْخُلُوا عَلَيْهِمْ الْبَاب" بَاب الْقَرْيَة وَلَا تَخْشَوْهُمْ فَإِنَّهُمْ أَجْسَاد بِلَا قُلُوب "فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ" قَالَا ذَلِكَ تَيَقُّنًا بِنَصْرِ اللَّه وَإِنْجَاز وَعْده
قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَسورة المائدة الآية رقم 24
"قَالُوا يَا مُوسَى إنَّا لَنْ نَدْخُلهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبّك فَقَاتِلَا" هُمْ "إنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ" عَنْ الْقِتَال
قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَسورة المائدة الآية رقم 25
"قَالَ" مُوسَى حِينَئِذٍ "رَبّ إنِّي لَا أَمْلِك إلَّا نَفْسِي وَأَخِي" وَلَا أَمْلِك غَيْرهمَا فَأُجْبِرهُمْ عَلَى الطَّاعَة "فَافْرُقْ" فَافْصِلْ
قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَسورة المائدة الآية رقم 26
"قَالَ" تَعَالَى لَهُ "فَإِنَّهَا" أَيْ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة "مُحَرَّمَة عَلَيْهِمْ" أَنْ يَدْخُلُوهَا "أَرْبَعِينَ سَنَة يَتِيهُونَ" يَتَحَيَّرُونَ "فِي الْأَرْض" وَهِيَ تِسْعَة فَرَاسِخ قَالَهُ ابْن عَبَّاس "فَلَا تَأْسَ" تَحْزَن "عَلَى الْقَوْم الْفَاسِقِينَ" رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ اللَّيْل جَادِّينَ فَإِذَا أَصْبَحُوا إذَا هُمْ فِي الْمَوْضِع الَّذِي ابْتَدَءُوا مِنْهُ وَيَسِيرُونَ النَّهَار كَذَلِكَ حَتَّى انْقَرَضُوا كُلّهمْ إلَّا مَنْ لَمْ يَبْلُغ الْعِشْرِينَ قِيلَ : وَكَانُوا سِتّمِائَةِ أَلْف وَمَاتَ هَارُونَ وَمُوسَى فِي التِّيه وَكَانَ رَحْمَة لَهُمَا وَعَذَابًا لِأُولَئِكَ وَسَأَلَ مُوسَى رَبّه عِنْد مَوْته أَنْ يُدْنِيه مِنْ الْأَرْض الْمُقَدَّسَة رَمْيَة بِحَجَرٍ فَأَدْنَاهُ كَمَا فِي الْحَدِيث وَنَبِّئْ يُوشَع بَعْد الْأَرْبَعِينَ وَأُمِرَ بِقِتَالِ الْجَبَّارِينَ فَسَارَ بِمَنْ بَقِيَ مَعَهُ وَقَاتَلَهُمْ وَكَانَ يَوْم الْجُمُعَة وَوَقَفَتْ لَهُ الشَّمْس سَاعَة حَتَّى فَرَغَ مِنْ قِتَالهمْ وَرَوَى أَحْمَد فِي مُسْنَده حَدِيث إنَّ الشَّمْس لَمْ تُحْبَس عَلَى بَشَر إلَّا لِيُوشَع لَيَالِي سَارَ إلَى بَيْت الْمَقْدِس
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَسورة المائدة الآية رقم 27
"وَاتْلُ" يَا مُحَمَّد "عَلَيْهِمْ" عَلَى قَوْمك "نَبَأ" خَبَر "ابْنَيْ آدَم" هَابِيل وَقَابِيل "بِالْحَقِّ" مُتَعَلِّق باُتْلُ "إذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا" إلَى اللَّه وَهُوَ كَبْش لِهَابِيلَ وَزَرْع لِقَابِيلَ "فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدهمَا" وَهُوَ هَابِيل بِأَنْ نَزَلَتْ نَار مِنْ السَّمَاء فَأَكَلَتْ قُرْبَانه "وَلَمْ يُتَقَبَّل مِنْ الْآخَر" وَهُوَ قَابِيل فَغَضِبَ وَأَضْمَرَ الْحَسَد فِي نَفْسه إلَى أَنْ حَجّ آدَم "قَالَ" لَهُ "لَأَقْتُلَنك" قَالَ : لِمَ ؟ قَالَ لِتَقَبُّلِ قُرْبَانك دُونِي
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَسورة المائدة الآية رقم 28
"لَئِنْ" لَام قَسَم "بَسَطْت" مَدَدْت "إلَيَّ يَدك لِتَقْتُلنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إلَيْك لِأَقْتُلك إنِّي أَخَاف اللَّه رَبّ الْعَالَمِينَ" فِي قَتْلك
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَسورة المائدة الآية رقم 29
"إنِّي أُرِيد أَنْ تَبُوء" تَرْجِع "بِإِثْمِي" بِإِثْمِ قَتْلِي "وَإِثْمك" الَّذِي ارْتَكَبْته مِنْ قَبْل "فَتَكُون مِنْ أَصْحَاب النَّار" وَلَا أُرِيد أَنْ أَبُوء بِإِثْمِك إذَا قَتَلْتُك فَأَكُون مِنْهُمْ قَالَ تَعَالَى : "وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ"
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَسورة المائدة الآية رقم 30
"فَطَوَّعَتْ" زَيَّنَتْ "لَهُ نَفْسه قَتْل أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ" فَصَارَ "مِنْ الْخَاسِرِينَ" بِقَتْلِهِ وَلَمْ يَدْرِ مَا يَصْنَع بِهِ لِأَنَّهُ أَوَّل مَيِّت عَلَى وَجْه الْأَرْض مِنْ بَنِي آدَم فَحَمَلَهُ عَلَى ظَهْره
الصفحة 1الصفحة 2الصفحة 3الصفحة 4